فصل: إعراب الآيات (9- 15):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجدول في إعراب القرآن



.إعراب الآيات (7- 8):

{وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (7) لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً (8)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (إذ) اسم صرفيّ في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر (من النبيين) متعلّق ب (أخذنا)، وكذلك (منك) و(من نوح)، (إبراهيم) معطوف على نوح مجرور بالفتحة (ابن) نعت لعيسى أو بدل، أو عطف بيان عليه مجرور (منهم) متعلّق ب (أخذنا) الثاني.
جملة: (أخذنا..) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (أخذنا) الثانية في محلّ جرّ معطوفة على جملة أخذنا الأولى.
(8) اللام للتعليل (يسأل) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل ضمير مستتر يعود على اللّه (عن صدقهم) متعلّق ب (يسأل)، (للكافرين) متعلّق ب (أعدّ).
والمصدر المؤوّل (أن يسأل...) في محلّ جرّ متعلّق ب (أخذنا).
وجملة: (يسأل...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
وجملة: (أعدّ...) في محلّ جرّ معطوفة على جملة أخذنا.
البلاغة:
عطف الخاص على العام: في قوله تعالى: (وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ).
لأن هؤلاء الخمسة المذكورين هم أصحاب الشرائع والكتب، وأولو العزم من الرسل، فآثرهم بالذكر، للإيذان بمزيد مزيتهم وفضلهم، وكونهم من مشاهير أرباب الشرائع، وأساطين أولي العزم من الرسل. وتقديم نبينا عليه الصلاة والسلام لإبانة خطره الجليل.
الاستعارة المكنية: في قوله تعالى: (وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً).
والغلظ: استعارة من وصف الأجرام، والمراد عظم الميثاق وجلالة شأنه.

.إعراب الآيات (9- 15):

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً (9) إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) هُنالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزالاً شَدِيداً (11) وَإِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً (12) وَإِذْ قالَتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ يا أَهْلَ يَثْرِبَ لا مُقامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مِنْهُمُ النَّبِيَّ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِراراً (13) وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (14) وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ وَكانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْؤُلاً (15)}.
الإعراب:
(أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت للمنادى- أو بدل منه- (عليكم) متعلّق بنعمة (إذ) اسم ظرفيّ في محلّ نصب بدل من نعمة بدل اشتمال، (عليهم) متعلّق ب (أرسلنا)، (ما) حرف مصدريّ.
والمصدر المؤوّل (ما تعملون...) في محلّ جرّ ب (الباء) متعلّق ب (بصيرا).
جملة النداء: (يا أيّها الذين..) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (آمنوا...) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (اذكروا...) لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: (جاءتكم جنود....) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (أرسلنا...) في محلّ جرّ معطوفة على جملة جاءتكم.
وجملة: (لم تروها...) في محلّ نصب نعت ل (جنودا).
وجملة: (كان اللّه... بصيرا) لا محلّ لها استئناف اعتراضيّ.
وجملة: (تعملون...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما).
(10) (إذ) بدل من الأول في محلّ نصب (من فوقكم) متعلّق بحال من فاعل جاؤوكم، وكذلك (من أسفل) فهو معطوف على الأول (منكم) متعلّق بأسفل (إذ) معطوف على إذ السابق (باللّه) متعلّق ب (تظنّون)، والألف في (الظنونا) زائدة.
وجملة: (جاؤوكم....) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (زاغت الأبصار) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (بلغت القلوب..) في محلّ جرّ معطوفة على جملة زاغت.
وجملة: (تظنّون....) في محلّ جرّ معطوفة على جملة زاغت.
(11) (هنالك) اسم إشارة في محلّ نصب ظرف مكان متعلّق ب (ابتلي)، (زلزالا) مفعول مطلق منصوب.
وجملة: (ابتلي...) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (زلزلوا...) لا محلّ لها معطوفة على جملة ابتلي.
(12) (إذ) معطوف على إذ السابق (في قلوبهم) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ المؤخّر مرض (ما) حرف للنفي (إلّا) للحصر (غرورا) مفعول به ثان منصوب عامله وعدنا.
وجملة: (يقول المنافقون....) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: (في قلوبهم مرض) لا محلّ لها صلة الموصول (الذين).
وجملة: (ما وعدنا اللّه...) في محلّ نصب مقول القول.
(13) (إذ) معطوف على إذ السابق (منهم) متعلّق بنعت من طائفة (لكم) متعلّق بخبر لا النافية للجنس الفاء عاطفة لربط المسبّب بالسبب الواو استئنافيّة (منهم) نعت لفريق الواو حاليّة (ما) نافية عاملة عمل ليس (هي) ضمير منفصل في محلّ رفع اسم ما (عورة) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما (إن) حرف نفي (إلّا) للحصر..
وجملة: (قالت طائفة...) في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة النداء وجوابه... في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (لا مقام لكم...) لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: (ارجعوا...) لا محلّ لها معطوفة على جملة لا مقام لكم.
وجملة: (يستأذن فريق...) لا محلّ لها استئنافيّة..
وجملة: (يقولون...) في محلّ نصب حال من فريق.
وجملة: (إنّ بيوتنا عورة..) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (ما هي بعورة..) في محلّ نصب حال.
وجملة: (إن يريدون إلّا فرارا) لا محلّ لها اعتراضيّة- أو تعليليّة- الواو عاطفة (لو) حرف شرط غير جازم، ونائب الفاعل لفعل دخلت ضمير مستتر تقديره هي أي المدينة (عليهم) متعلّق ب (دخلت)، (من أقطارها) متعلّق ب (دخلت)، والواو في (سئلوا) نائب الفاعل (الفتنة) مفعول به منصوب اللام رابطة لجواب لو (ما) نافية (بها) متعلّق ب (تلبّثوا)، (إلّا) للحصر (يسيرا) ظرف منصوب متعلّق ب (تلبّثوا)- وهو صفة نائبه عن موصوف- أي زمنا يسيرا.
وجملة: (لو دخلت...) لا محلّ لها معطوفة على جملة يستأذن.
وجملة: (سئلوا...) لا محلّ لها معطوفة على جملة دخلت.
وجملة: (آتوها...) لا محلّ لها جواب شرط غير جازم عن الفعلين.
وجملة: (ما تلبّثوا...) لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
(15) الواو عاطفة اللام لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (قبل) اسم مبني على الضم في محلّ جرّ بمن متعلّق ب (عاهدوا)، (لا) نافية (الأدبار) مفعول به ثان منصوب، الواو استئنافيّة...
وجملة: (كانوا عاهدوا...) لا محلّ لها جواب القسم المقدّر..
وجملة القسم المقدّرة لا محلّ لها معطوفة على جملة لو دخلت...
وجملة: (عاهدوا...) في محلّ نصب خبر كانوا.
وجملة: (لا يولّون...) لا محلّ لها جواب القسم لفعل عاهدوا...
وجملة: (كان عهد اللّه مسئولا...) لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(10) الحناجر: جمع حنجرة- منتهى الحلقوم- اسم جامد، وزنه فعللة بفتح الفاء وسكون العين (10) (الظنونا)، جمع الظنّ مصدر سماعيّ للثلاثيّ ظنّ باب نصر وزنه فعول بضمّتين، وقد ثبتت الألف بعد النون في رسم المصحف مراعاة للوصل.
(11) (زلزالا)، مصدر قياسيّ للرباعيّ زلزل، وقد جاء المصدر على هذه الصيغة- غير صيغة زلزلة- لأن الفعل من المضاعف الرباعي، وزنه فعلال بكسر فسكون.
(13) يثرب: اسم المدينة المنوّرة، وزنه يفعل بفتح الياء وكسر العين، وقد منع من التنوين للعلميّة والتأنيث، أو وزن الفعل.
(14) أقطار: جمع قطر، اسم بمعنى الناحية والبلد، وزنه فعل بضمّ فسكون والجمع أفعال.
الفوائد:
غزوة الأحزاب (الخندق):
لم يقر لعظماء بني النضير قرار بعد جلائهم عن ديارهم، وإرث المسلمين لها، بل كان في نفوسهم دائما أن يأخذوا ثأرهم، ويستردوا بلادهم، فذهب جمع منهم إلى مكة، وقابلوا رؤساء قريش، وحرضوهم على حرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ومنّوهم المساعدة، فوجدوا منهم قبولا لما طلبوه، ثم جاؤوا إلى قبيلة غطفان، وحرضوا رجالها كذلك، وأخبروهم بمبايعة قريش لهم على الحرب، فوجدوا منهم ارتياحا. فتجهزت قريش وأتباعهم، يرأسهم أبو سفيان، ويحمل لواءهم عثمان بن طلحة بن أبي طلحة العبدري، وعددهم أربعة آلاف، معهم ثلاثمئة فرس وألف بعير. وتجهزت غطفان يرأسهم عيينة بن حصن، وكان معه ألف فارس وتجهزت بنو مرّة، يرأسهم الحارث بن عوف، ومعهم أربعمائة. وتجهزت بنو أشجع، يرأسهم أبو مسعود بن رخيلة وتجهزت بنو سليم، يرأسهم سفيان بن عبد شمس، وهم سبعمائة وتجهزت بنو أسد، يرأسهم طليحة بن خويلد الأسدي وعدة الجميع عشرة آلاف مقاتل، قائدهم العام أبو سفيان. ولما بلغه عليه الصلاة والسلام أخبار هاته التجهيزات، استشار أصحابه فيما يصنع؟ فأشار عليه سلمان الفارسي رضي اللّه عنه بعمل الخندق، وهو عمل لم تكن العرب تعرفه، فأمر عليه الصلاة والسلام المسلمين بعمله، وشرعوا في حفره شمالي المدينة، من الحرّة الشرقية إلى الحرة الغربية أما بقية حدود المدينة، فمشتبكة بالبيوت والنخيل، لا يتمكن العدو من الحرب جهتها. وقد قاسى المسلمون صعوبات جسيمة في حفر الخندق، وعمل معهم عليه الصلاة والسلام، فكان ينقل التراب متمثلا بشعر ابن رواحة:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا ** ولا تصدقنا ولا صلّينا

فأنزلن سكينة علينا ** وثبت الأقدام إن لاقينا

والمشركون قد بغوا علينا ** وإن أرادوا فتنة أبينا

وأقام الجيش في الجهة الشرقية، مسندا ظهره إلى سلع، وهو جبل مطل على المدينة، وعدتهم ثلاثة آلاف، وكان لواء المهاجرين مع زيد بن حارثة، ولواء الأنصار مع سعد بن عبادة. أما قريش فنزلت بمجمع الأسيال، وأما غطفان فنزلت جهة أحد. وكان المشركون معجبين بمكيدة الخندق التي لم تكن العرب تعرفها، فصاروا يترامون مع المسلمين بالنبل. ولما طال المطال عليهم، أكره جماعة منهم أفراسهم على اقتحام الخندق، منهم عكرمة بن أبي جهل، وعمر بن ودّ وآخرون، وقد برز علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه لعمرو بن ود فقتله وهرب إخوانه، واستمرت المناوشة والمراماة بالنبل يوما كاملا، حتى فاتت المسلمين صلاة ذلك اليوم، وقضوها بعد، وجعل النبي صلّى اللّه عليه وسلّم على الخندق حرّاسا، حتى لا يقتحمه المشركون بالليل، وكان يحرس بنفسه ثلمة فيه مع شدة البرد، وكان النبي صلّى اللّه عليه وسلّم يبشر أصحابه بالنصر والظفر، أما المنافقون فقد أظهروا في هذه الشدة ما تكنّه ضمائرهم، حتى قالوا: (ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً) وانسحبوا قائلين: (إن بيوتنا عورة) نخاف أن يغير عليها العدو (وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا). وطال الحصار واشتد البلاء على المسلمين ونقض بنو قريظة العهد، وأعلنوا الحرب على المسلمين، فلما بلغ ذلك النبي صلّى اللّه عليه وسلّم أرسل مسلمة بن أسلم في مائتين، وزيد بن حارثة في ثلاثمئة، لحراسة المدينة خوفا على النساء والذراري وأرسل الزبير بن العوام يستجلي له الخبر، فلما وصلهم وجدهم حانقين، يظهر على وجوههم الشر ونالوا من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمسلمين أمامه، فرجع وأخبر الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم بذلك، وهنالك اشتد وجل المسلمين، وزلزلوا زلزالا شديدا، لأن العدو جاءهم من فوقهم، ومن أسفل منهم، وزاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، وظنوا باللّه الظنون، وتكلم المنافقون بما بدا لهم، فأراد عليه الصلاة والسلام أن يرسل لعيينة بن حصن، ويصالحه على ثلث ثمار المدينة، لينسحب بغطفان.
فأبى الأنصار ذلك قائلين: إنهم لم يكونوا ينالون من ثمارها ونحن كفار، أفبعد الإسلام يشاركوننا فيها؟
وإذا أراد اللّه أمرا هيأ أسبابه، وبينما هم في هذه الحالة من الضيق والشدة جاء نعيم بن مسعود الأشجعي، وهو صديق قريش واليهود، فقال: يا رسول اللّه، إني قد أسلمت، وقومي لا يعلمون بإسلامي، فمرني بأمرك حتى أساعدك، فخرج من عنده، وتوجه إلى بني قريظة، فقال: يا بني قريظة، تعرفون ودّي لكم، وخوفي عليكم، وإني محدثكم حديثا فاكتموه عني. قالوا: نعم. فقال: لقد رأيتم ما حل بإخوانكم من بني قينقاع والنضير، وإن قريشا وغطفان ليسوا مثلكم، فإن ظفروا ربحوا، وإن هزموا رجعوا إلى بلادهم. فأرى ألا تقاتلوا معهم حتى تأخذوا منهم سبعين شريفا رهائن، حتى لا يتركوكم ويرتحلوا عنكم فاستحسنوا رأيه، وأجابوه إلى ذلك. ثم قام من عندهم، وتوجه إلى قريش، فاجتمع برؤسائهم، وقال: إني محدثكم بحديث، فاكتموه عني. قالوا: نفعل، فقال لهم: إن بني قريظة قد ندموا على ما فعلوه مع محمد، وخافوا منكم أن ترجعوا وتتركوهم معه، فقالوا له: أيرضيك أن نأخذ جمعا من أشرافهم، وترد جناحنا الذي كسرت (يريد بني النضير) فرضي بذلك منهم، وها هم مرسلون إليكم فاحذروهم ثم أتى غطفان فأخبرهم بمثل ذلك فأرسل أبو سفيان وفدا لقريظة، يدعوهم للقتال غدا، فأجابوا: إنا لا يمكننا أن نقاتل في السبت، ولم يصبنا ما أصابنا إلا من التعدي فيه، ومع ذلك فلا نقاتل حتى تعطونا رهائن منكم، كي لا تتركونا وتذهبوا إلى بلادكم، فتحققت قريش وغطفان صدق كلام نعيم بن مسعود، وتفرقت القلوب، وخاف بعضهم بعضا، وكان عليه الصلاة والسلام قد ابتهل إلى اللّه عز وجل الذي لا ملجأ إلا إليه، ودعاه بقوله: (اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب، اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم) وقد أجاب اللّه دعاءه عليه الصلاة والسلام، فأرسل إلى الأعداء ريحا باردة في ليلة مظلمة، فخاف المشركون أن تتفق اليهود مع المسلمين ويهجموا عليهم، فأجمعوا أمرهم على الرحيل قبل أن يصبح الصباح. ومع إطلالة الفجر خلت الأرض منهم، وكفى اللّه المؤمنين القتال.